Close

يوم في حياة معيدة !

هكذا اليوم .. أو كل يوم .. اخرج من منزلي مبكرة بعدما أعد الفطور لإخوتي وأخواتي .. وانسى أن أذكر نفسي بخير ما صنعته لهم إلا قليلاً قد تكون جسدي بحاجة ماسة للغذاء ليزودني بالطاقة أو شربة من الشاي الأخضر اللذيذ الذي أعشقه .. ثم ابدأ التنافس والصراع مع الوقت في تجهيز نفسي بكل عدتي الحربية لدخول ساحة معركة الكفاح والنضال لأحارب الوقت في أقل من 30 دقيقة .. من أجل توصيل هدف أو رسالة أو غاية أريد تحقيقها من جامعتي الحبيبة .. أو هكذا ظننتُ !

 

دقت ساعة الدوام . وهكذا يبدأ التزاحم وسباقات السيارات فيما بينها بسرعات خيالية قد تتجاوز 120 ميلا إن لم تكن محظوظاً لتتخطى الشارع بدون أن تدهسك تلك المتهورة في الشارع الضيق !

 

ولا ننسى تلك الموسيقى الصاخبة التي يتنافس فيها أبناء شعب القارات الثلاث “عدا الدول المتقدمة مثل اليابان وكوريا وماليزيا واخوتهم” من ضجيج البواري وكآنه ساعة إعلان حرب مقدس!! “حرب العمل والدوام والمزاج العصبي “

 

ولا نستطيع أن نصدق عندما نصل سالمين غانمين بعافيتنا وسلامة أرجلنا أو أيادينا التي تتصلب ولا تتحرك من شدة الخوف الذي نعيشه من أجل ألا نفقد أرواحنا فداءاً للعلم .. “بحجة أنني لسه صغيرة”!

وهكذا عندما نصل إلى الجامعة المرموقة المستوى .. حتى يبدأ صخب من نوع آخر .. زحام على المصاعد الصغيرة لأناس تظن أنهم من الوزن الثقيل جداً .. أو لكثرتهم أصبحوا هكذا “ما شاء الله” حتى بشق الأنفس أصعد إلى مكتبي لآنعم ببعض الهدوء والراحة ..
ثم أتوجه إلى قسمي العزيز .. والذي لا أعلم كلما دخلته ظننت أن به خللاً ما .. ربما يحتاج لمسافة أوسع “كمبنى خاص لقسمنا” أو أن فكرة عمل المباني على شكل الأجنحة لا تناسب وضع الطيران عندما نرغب في التطور حقاً !

 

بعد ذلك أفكر ملياً .. هل حقاً عليّ أن أراقب في مادة شخص آخر من اجل اختبار … في حين أنني أحتاج إلى راحة خصوصاً أن عملنا يتطلب كامل قوانا الجسدية والعقلية عندما نتحدث عن العبء الجبار .. ربما عليّ أن أجد توأمتي لتشاركني هذا العمل ..!
وعندما أتذكر مكانة ذلك الشخص عندي .. يحز في نفسي ظلم المكان الذي وضعنا فيه .. فبيئة العمل قد لا تكون مناسبة لذلك نتضجر ونتذمر من سوء المعامل وعجز الأجهزة التي ربما يخطر ببال أحدهم فكرة “جهاز الحاسوب من العصر الحجري” .. فلا زال علمي يتطور ويتطور في الدول الغربية .. ولا زلنا نتصارع على حق من رأيه أصوب وأدق في الدول العربية”.!

 

 

ومن جديد . لا ألوم قسمي .. فهو لا زال يسقط مرات ومرات بسبب عثرات زرعها أناس جاهلون مهملون لا يدركون أهمية قسمنا ومحتواه وما فيه .. بل أنهم لا يدركون مصلحة الجامعة ككل عندما يأتي الأمر باستخدام الأجهزة والتكنولوجيا والانترنت وجعل الخدمات متاحة للجميع .. بدل أن تكون حبيسة غرف إلى أن تتعطل ثم يفكرون ملياً ببدء استخدامها .. بعدما علا عليها التراب والغبار .. حتى آكل وشرب عليها !!

 

 

 

ثم أتوانى بالتفكير مجدداً .. لا بأس .. كل الأمور بخير .. سيكون يوماً مليئا بالإنجاز .. على الأقل سأكسب أجر عمل نيابة عن دكتوري العزيز الذي عجز بحكم الدين والعادات أن يتواجد ليراقب طالباته بنفسه .. وأتذكر دوما هكذا أرد الدين الجميل الذي أستفدته من علم وعمل الدكاترة الذين أكنّ لهم كل الفضل الجزيل على التعليم المفيد بحقي ..

 

 

 

وما أن أبدأ ادخل تلك الغرف الموحشة وكآنها غرف تعذيب .. حتى تتعالى أصوات الطالبات صارخات “الأجهزة ما تشتغل يا أستاذة” .. “يالكم من مرعبات” هكذا أردد في نفسي .. ثم أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم .. وأبدأ وقتي ببسم الله عز وجل .. لأحل مشكلة الأجهزة والتي لا تخلوا من الطرافة أحيانا .. عندما يروني أقفز هنا وهناك يخيل لهم كآني أرنب أبحث عن جزري أو في الحقيقة تصليح الأجهزة التي قد يعود لها الروح عندما تعمل لها إعادة تشغيل .. أو المعظم والأكثر تكون جميعها ميتة في قبورها “صناديق النظام المتحجرة” .

وعندما يحالفني الحظ الجميل لأخترع طريقة بأن اخبرهم “وأين لابتوباتكن” .. تجيب عليكِ احدى عمد القوة والسيطرة في عالم المتوحشات “هذا مسؤوليتكم وليست مسؤوليتنا .. لازم توفرون لنا أجهزة ولا مو لازم اختبارات” !! ثم تذلف آخرى “أجهزتنا بكاميرات والجامعة تكسرها لو جبناها” ، وآخرى : “أستاذة كلمي القسم يجيب أجهزة ….الخ ” وكآنني الملامة على خراب الأجهزة وتعطيلها .. كيف علمتُ ذلك .. ببساطة .. جرب أن تقف أمام فتاة غاضبة من الجامعة بكل ما فيها لتصب كل الغضب على أستاذة بريئة أتت فقط مراقبة للاختبار !! فقط انظر لعينيها واحكم من الشرر المتطاير .. إذا كنتُ على حق أم لا ..!

 

 

وتبدأ السلسلة ولا تنتهي .. جهاز ينطفي فجأة .. جهاز آخر يمسح ملف الطالبة تلقائياً بدون أي أمر من المستخدم .. وآخر يبدأ يستهبل في وقت لا ينفع فيه الاستهبال .. عندما ينفجر صوتاً مدوياً من أحد الأجهزة وكآنه ماطور شغالة من مكينة سيارة تحاول ألا تحتضر .. ويبدأ في صوت صرير .أو خرير أو سمه ما شئت أن تسمه … حتى أن الطالبة تتبرأ بكل ما فيها أن تقف بجانبه .. خوفاً ألا يقرر الانتحار فجأة أثناء عملها على الاختبار العملي ..

 

 

وهكذا .. فلاش ووحدة تخزين خرفة .. فأرة أبت أن تتحرك من مكانها .. وكيبورد عالق في مكان ما لا يتزحزح .. وشاشات أشبه بشاشات جدتي في أيام المسفلة !
عدد ثلاثون طالبة عند أستاذ مادة جداً رائع .. على الرغم أن عدد الطالبات يعتبر قليل مقارنة بنحن القائدات اللواتي نمسك جيش فتيات تتجاوز عددهن عدد الأجهزة ..

 

لكن مما يخيب الآمال ويحطم كل المعنويات الطيبة التي بدأت بها يومي .. عندما أرى أن 10 أجهزة من أصل 40 هي التي تشتغل والبقية تتراقص في ايقاف وإعادة تشغيل الجهاز .. أو معظمها التي يمسك فيه العناد العربي “ما رح أشتغل .. هيا وريني ايش حتسوي ؟!”

 

وهكذا يضيع الساعة التي يحددها الدكتور القدير .. وترفض الطالبات تسليم الاختبارات بحجة تعليق الأجهزة ، أو ضياع ملفاتهم بسبب فيروسات معششة في أجهزة الجامعة.. حتى أنني أكاد أقسم أنه الفيروسات العالم أجمعها فيه .!”

 

 

ولا ننسى عندما تتطوع احداهن لمساعدتي وأدبر معملاً آخر بجوار الأصلي .. لآجد نفسي هنا وهناك .. ذهاب وإياب .. حتى أدرك نفسي .. كم أشتاق لتوأم تشبهني !!

وهكذا أي يوم أراقب فيه اختباراً . سواء لي أو لشخص آخر .. أتعذب نفسياً وجسدياً من المعامل .. التي ما أن تدق ساعة الاختبار حتى تبدأ عدادات الاحتراق والأكسدة في جهازي الهضمي يشتعل بطريقة خيالية من أجل أن يجد الطاقة المناسبة لكي يستهلكها في الحركة القادمة…

 

 

وتمر الساعات الطوال أليمة وثقيلة على نفسي .. “يارب متى يخلصوا” .. “يارب كل ذلك من اجل العلم” .. “اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة” .. وهكذا يبدأ في نفسي تذكير بالله .. على الأقل حتى لا ينتهي مخزون الطاقة الجسدية وأفقد وعييّ بدون سابق انذار .. وقد حصل اليوم هكذا .. لولا رحمة الله أني انصدمت بكرسي واستعدت وعييّ .. وعلمتُ أنني في مهمة لابد أن أنجزها لآخر نفس ..

 

ولا أنسى ذكر تلك المكيفات العجيبة .. التي نراها في معمل بارد كالاسكيمو . وآخر حار كصحراء ربع الخالي ! بحيث نصاب بنوبة برد فجأة يردعنا عن عملنا أسبوع من المرض ! هذا إذا كنتُ محظوظة ولم أصب به أمام الطالبات !!

 

 

انتهت الساعات المطلوبة .. حان وقت تسليم الأسئلة للقسم والذهاب إلى مكتبي المريح للراحة “ليس مريحاً ولكنني أتخيله مريحاً حتى يصبح كذلك” << من يسمعني يظن أن الكرسي سينقلب سريراً XD

 

 

 

ألم وأمل ..

 

عدتُ إلى المنزل وأخيراً .. بعد وقوف دام ساعات رأيت أن قدميّ تكاد تصرخ من شدة الألم .. بل أن لونها قد يصبح غريباً جداً عن الطبيعي .. مع ذلك .. نعود ونذكر أنفسنا … في سبيل علم المعلومات كل شيء يهون .. ومن نفّس كربة من كرب المؤمنين نفّس الله به كربة من كرب يوم القيامة .. وهكذا أذكر نفسي ..

 

مجرد خربشات من معيدة جديدة

رجاءً لا أحد يفهمني غلط أو يأخذ عليا بكلمة .
شكراً للمتابعة ..
محبتكم : أبرار تركستاني

 

4 thoughts on “يوم في حياة معيدة !

  1. الله يعينك فعلا >>> دا اولا
    ثانيا ذكرتيني باللذي مضى الذي عندما اتذكره احاول ان اركز على الجوانب الايجابيه التي اكتسبتها منه .. رغم انني بفضل الله الذي منحني الايجابيه استفدت…. وليس بفضل جامعتي الحبيبة << التي احاول ان اظن انها كذلك قسم الحاسب الالي … معامل بإضاءة خافته … اختبار نهائي عملي درجات متطايرة ومادة برمجيه اختبرها ….
    النت بوك او الاجهزة الصغيره الحجم تكون معالجتها اقل وسرعه استجابه البرامج مقلقة … ومزود بالتنين المرعب الكاميرا …. واجهزة مخيفه كما ذكرتي … ورعب يشتت عندما تصرخ احداهن .. استااازه الجهاز علق راح برنامجي …. وترد الاستاذه بتهكم لماذا لم تحفظيه … تنظر الطالبه للساعه فتجد ان الذي تبقى هي خمسة عشر دقيقة يبدوخلالها اعاده كتابة الكود امر مخيف …. فتقول لها الاستاذه عيديه موشغلي ..
    وبالنظر للواقع فإنه فعلا ليس ( شغل ) الطالبه او الدكتورة او الاستاذه….
    ان معامل جامعتنا نجد بجانبها لوحه مكتوب فيها انها اهداء من البنك الاهلي وانها وانها ..حتى القاعات الذكية اهداء من عليه القوم… السؤال اين تذهب الميزانيه …وابحثو عن عذراخر غير مكافئات الطلاب … ان الطحالب البحريه التي يمكن تصنيفها من البطانه السيئه … الذين يذكرونني بكبامارو الذي لا يشبع من الشومن ….. هي السبب في معاناتي ومعاناتك … وان الانظمة البالية …. وفئات المجتمع التي لا يستحق التقنيه هي السبب صدقيني…راقتني كلماتك ..واستبحت لنفسي ان اكتب مايدور في خلجات نفسي هنا…. كل الود لكــ
    زوزو

  2. لا الومك على ماكتبيته حبيبتي فهذه الحقيقة وماحصل معك حقا وانا شاهدة لك على ماوقع لك عزيزتي .. اعطاك الله الصحة والعافية والقوة ياااارب . تقبلي مروري !!

  3. ربي يكون في عونك..

    أتمنى في حياتي أسمع معلمة ولا معيدة أو حتى
    طالبة تمدح معامل الكبيوتر..!!
    لكن للأسف !
    حقًا وضعنا في حالة يرثى لها

    وياليت يغيروا المراقبين كل ساعة أو حتى نص ساعة
    المهم يتطلعوا عالأمراض إلي تجي بسبب الوقوف الطويل كالدوالي..أبعدنا الله عنه
    ومن المفترض يصلحوا المكيفات و تكون فيه لجنة متخصصة للأجهزة الكهربائية تراقب الأجهزة بشكل دوري
    لكن للأسف في عالمنا لا نجد الاهتمام إلا عندما نتكلم ونطلب !!وياليتهم يستجيبون لطلباتنا بشكل جيد !

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

© 2024 ‎لَحْنُ الحَيَاة .. أبرار تركستاني | WordPress Theme: Annina Free by CrestaProject.